مساحة إعلانية

أحدث المواضيع

أحدث المواضيع
مع تحياتي / علي عبد السلام ربيع

السبت، 17 يوليو 2021

السبت، 17 يوليو 2021

عصر الثورة العلمية والتكنولوجية

 

عصر الثورة العلمية والتكنولوجية



وفي خلال أقل من قرنين من الزمان انتقلت البشرية من عصر الثورة الصناعية إلى عصر الثورة العلمية والتكنولوجية ، حيث أصبح العلم هو القوة الإنتاجية الأولى في تحديد سيطرة الإنسان على الطبيعة، وعلى خلاف الثورة الصناعية فإن الثورة الحالية لا تنبثق من اختراع وانتشار الآلات وإنما من العلم.

ومثل ما قامت الثورة الصناعية باستبدال الآلات بالجهد العضلي للإنسان ، قامت الثورة التكنولوجية بإحلال أجهزة تحل محل العمل العقلي تلقائيًا وذاتية وأتوميًا ، وتقوم بوظائف العقل البشري ، ومن ثم تطورت أدوات العمل من أدوات العمل من أدوات بسيطة إلى أدوات آلية إلى آلات إلى أوتوميات.

كانت السمة التكنولوجية للثورة الصناعية هي محاكاة وتطوير أعمال الإنسان الميكانيكية ذات الطبيعة الرتيبة والمتكررة البسيطة التي لا تتطلب سوى قدر أدنى من التفكير ، بينما تترك لرجال الإدارة وأصحاب رأس المال التفكير والتدبير والتعميم والتخطيط . كان ذلك تقسيمًا للعمل داخل المصنع، وكان يمثل تقدمًا هائلاً بالنسبة للعمل الحرفي الذي كان يجمع بين التفكير والعمل لكن بلا تقسيم عمل، أما في الثورة التكنولوجية فقد أصبح التفكير مقتصرًا على تقدير الموقف وإصدار الحكم واتخاذ القرار، بينما تركزت العمالة في مجالي تصميم الآلات وصنعها وصيانتها بعد أن كان التركيز أساسًا في تشغيلها.

إن الثورة العلمية التكنولوجية التي عبدت طريقها كل الإنجازات التي حققها الإنسان من قبل في مجالي العلم والإنتاج قد جعلت من العلم نفسه قوة إنتاجية مباشرة، وأصبح العلم يعجل من معدل النمو ويزيد من كفاءة الإنتاجية ويشجع على إدخال أساليب إنتاج جديدة متقدمة ، ومن هنا كان النصيب المتزايد للبحث والتصميم في مجموع العملية الإنتاجية ، وأصبح البحث العلمي نفسه وسيلة فعالة لزيادة الإنتاج، وأصبحت نتائج البحوث العلمية هي الأساس لإدخال منتجات جديدة وعمليات إنتاجية جديدة وباعتبار العلم قوة منتجة فإنه يخضع لمقتضيات وانعكاسات قوانين علم الاقتصاد وبالطبع فإنه يؤثر فيها ويغير منها إلى حد ما.

وهكذا نشأت صناعة جديدة هي " صناعة المعرفة" أصبح العلم سلعة ، وأصبح موضوعًا للإنتاج وللمبادلة ، وازدهرت صناعة الاختراع التي صارت الصناعة الأولى من حيث استثماراتها ونفقاتها، ولم تعد المنافسة الاقتصادية تقتصر على ميدان الإنتاج المادي ، بل امتدت إلى المجال غير المادي. وأصبحت التكنولوجيا الحديثة موضوعًا أساسيًا للتجارة الدولة ، بينما اتجه قطاع الخدمات ليحل محل الصناعة بوصفه القطاع القائد للنمو والعمالة.

لقد أحدثت الثورة العلمية والتكنولوجية تطورها الحاسم في النصف الثاني من السبعينات ، فأقامت اقتصادًا تكنولوجيًا للمعلومات معتمدًا على الحاسبات الآلية أو العقول الإلكترونية ، وارتبطت بالأعمال الأوتومية ، ويتفق لجميع على أن أوتوماتية المصانع هي لب الثورة العلمية والتكنولوجية الحالية فالحاسبات اليوم هي المحرك الأكبر للاقتصاد ، تسمح بتطور نظم لإنتاج ، وتضع الأساس لتعزيز مجالات توفير الموارد، وتطوير التكنولوجيا لحيوية ، وإنتاج مواد هيكلية جديدة، بحيث لم يعد تخفيض نفقات الإنتاج مرتبطًا بوفورات النطاق بقدر ارتباطه بوفورات التنوع.

وهكذا أدخلت الثورة التكنولوجية تغيرات جوهرية على الإنتاج المادي ، وأخرجت أدوات عمل جديدة ، وعمليات تكنولوجية جديدة ، مصادر طاقة جديدة، وموارد جديدة ، وسلعًا استهلاكية جديدة وأجرت في الوقت ذاته تغييرًا جذريًا في تنظيم الإدارة وفي طبيعة العمل البشري ، وحققت تخفيضًا كبيرًا في نفقة بعض المنتجات الجديدة تصل إلى 50% كل خمس سنوات، مما يكفل دخولها الواسع في كل مجالات الإنتاج والإدارة والحياة .

وهكذا أعيد تنظيم هيكل الصناعة ، وأصبح تطوير الفروع التقليدية القديمة للإنتاج يتوقف على تطبيع تكنولوجيا جديدة مؤسسة على الكترونيات تصنيف المعلومات ، وتتولى فروع الإنتاج الجديدة قيادة التقدم ، وتنشأ فروع إنتاج لأنواع جديدة من المعدات والمواد والعمليات التكنولوجية ، تتميز بالقدرة على زيادة إنتاجية العمل وكفاءة الإنتاج عدة مرات.

ومع الاندماج بين تكنولوجيا الاتصالات وتكنولوجيا الحاسبات ظهرت تكنولوجيا المعلومات والتي أصبحت تقوم بالدور الرئيسي في التقدم العلمي والتكنولوجي الراهن، وإذ تربط المعلوماتية بين العمليات التكنولوجية الناجمة عن التقدم العلمي والتكنولوجي فإنها تتيح بذلك تنظيم الدورة الإنتاجية بشكل لا يعود فيه الإنسان حلقة ضرورية لا في مجال استخدام الجهد الذهني ولا في إدارة الإنتاج، وإنما تتولى تكنولوجيا المعلومات ربط ميادين تصميم وصنع وتسويق السلع ربطًا أوثق فيما بينها، وتحدث بذلك تغيرات في هياكل الإنتاج الذي يصبح أكبر سرعة وأكثر مرونة.

إن الثورة في ميدان تبادل المعلومات والاتصالات هي أخطر ما يجري حاليًا في مجال الثورة العملية والتكنولوجية ، فقد أصبح كل ركن من أركان العالم وكل فرد فيه قادرًا، بفضل التوابع الصناعية الخاصة بالاتصالات ، على تخطي كافة الحواجز المادية والسياسية بين الشعوب ، والتعرف على أساليب الحياة وأنماط الاستهلاك والتطلعات المستقبلية في كافة أنحاء العالم.

هكذا تطور النشاط الاقتصادي من المحدودية إلى الاتساع، ومن الانغلاق إلى الانفتاح . فلم يعد النشاط الاقتصادي يقتصر على مجرد الإنتاج أو التوزيع الأولي، بل تعداه إلى أنشطة التكنولوجيا والتعليم والإسكان والتأمينات الاجتماعية والإنفاق العام وتدخل الدولة والتي ظهرت مع تطور النشاط الاقتصادي الداخلي . يضاف إلى ذلك المشاكل الاقتصادية العالمية من التضخم العالمي وتقلبات سعر الصرف والشركات متعددة الجنسيات وعجز موازين المدفوعات وأزمة الطاقة والبترول وغيرها.

ولكن تاريخ الوقائع قد لازمه تاريخ الفكر. ففي كل مرة كان الإنسان يحاول دائمًا أن يعدل وأن يضيف وأن يبتكر أو يغير ، ويؤثر بأفكاره وتخيله في مجرى الأحداث والوقائع.

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ my health today 2017 ©